radia Admin
عدد المساهمات : 167 تاريخ التسجيل : 19/08/2009 العمر : 31
| موضوع: حاجة الامة للعلوم السبت سبتمبر 12, 2009 6:41 pm | |
| فكلمة العلم التي كثرت الإشارة إليها في كتاب الله أو في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، تشمل قسمين كبيرين من العلوم، يضمان كل علم نعرفه أو نحتاج إليه. وهذان القسمان هما: العلوم الشرعية والعلوم الحياتية: * العلوم الشرعية: وهي العلوم التي يُعرف بها الله عز وجل، ويُعرف بها كيف تكون العبادة الصحيحة. ويشمل ذلك كل العلوم المتعلقة بدراسة الدين وفقه الشريعة. ويرتبط بهذا القسم بعض العلوم الأخرى التي يُحتاج إليها في فقه العلوم الشرعية، مثل علوم اللغة والأدب والتاريخ ونحو ذلك. * أما العلوم الحياتية: فهي العلوم التي يحتاج إليها الإنسان ليصلح بها حياته، ويعّمر بها أرضه، ويستكشف بها كونه وبيئته ... وذلك مثل علوم الطب والهندسة والفلك والكيمياء والفيزياء والجغرافيا، وعلوم الأرض والنبات والحيوان، وغير ذلك من العلوم المشابهة.
فكلمة العلم التي كثرت الإشارة إليها في الكتاب والسنة، إنما تعني – في أكثر الأحيان – العلم بشقيه الشرعي والحياتي ... وكل ما جاء من مدح للعلماء، فهو لكل عالم نفع الناس بعلمه، سواء كان شرعيا أم حياتيا.[1]
فلنتصور جميعا لو أن كل طلاب المسلمين درسوا في الشريعة والدعوة، فمن سيقوم بأمور دنيانا؟ ومن سيعالج المرضى؟ ومن سيبني لنا المستشفيات؟ ومن سيحاول اختراع الأسلحة التي يمكن أن تردع أعدائنا وتتواكب مع ترسانة أسلحتهم المتقدمة؟!
نعم ... لابد من وجود الدعاة الواعين بما حولهم، والذين يقومون بحق الله في دعوة الناس، ولكن لا يعني هذا أن تتحول الأمة كلها إلى دعاة!! يجب على أفراد الأمة عدم النفور من العلوم الحياتية والدنيوية التي بها صلاح الأمة ونهوضها. لقد كان في الأمة فيما مضى الكثير من الدعاة، ولكن كان بها أيضا العلماء البارزين الذين حققوا نهضة الأمة في شتى ميادين العلوم.
وهكذا فعلى الشباب اختيار التخصصات المختلفة بلا غضاضة ... فجميع أنواع العلوم نافعة بإذن الله ... إلا إذا كان العلم أساسا لا يفيد، مثل علوم الكلام على سبيل المثال. نريد الأدباء والمحاسبين والمهندسين والأطباء والمعلمين التربويين المتقنين لمهنهم، ويبرعون فيها، وفي الوقت ذاته يطبقون تعاليم ربهم فيها ويراعون الله فيمن يتلقى هذه الخدمات منهم.
وتاريخ الأمة حافل بمئات، بل بآلاف، العلماء المبدعين في شتى مناحي العلوم، مثل محمد بن موسى الخوارزمي أعظم علماء الرياضيات وأول من ألف في علم الجبر. وهناك البوزجاني صاحب الفضل في إرساء دعامة من الدعائم الكبرى التي يقوم عليها علم حساب المثلثات. وهناك الحسن بن الهيثم، الذي تفوق في البصريات والضوء، وله كتاب " المناظر " الذي عالج فيه موضوعات تشريح العين، وكيفية تكوين الصور على شبكة العين، وانكسار الضوء وانعكاسه، ... وغير ذلك من البحوث التي أذهلت الأوربيين، والتي بنوا عليها نظرياتهم الحديثة في علم الضوء.
ومن أبرز علماء المسلمين في الكيمياء جابر بن حيان الكوفي، الذي عاش في القرن الثاني للهجرة، وترك مصنفات خالدة، أشهرها كتاب " الاستتمام ". وكذلك الرازي الذي نبغ في علم الطب، واعتمد الأوربيون على كتبه، وخاصة في الحميات ذات البثور كالحصبة والجدري. ويعتبر أعظم أطباء الطب الإكلينيكي ( السريري ) في العصور الوسطى.
أما ابن سينا، فيعتبر أشهر علماء الحضارة الإسلامية على الإطلاق، حتى إنه لُقب بالعلم الثاني، تشبيها له بأرسطو، المعلم الأول. ويعتبر كتابه " القانون في الطب " بمثابة موسوعة ضخمة تناولت بالشرح شتى الأمراض وأسبابها وأعراضها وطرق علاجها، فضلا عن تشريح جسم الإنسان عضوا عضوا.[2]
ومن هنا نشجع الشباب على التخصص في مختلف العلوم والنبوغ فيها وتطويعها لمبادئ الإسلام، مع مواكبة دائمة لكل ما يستجد في المجال الذي يتخصص فيه حتى يبرع في الجانب الذي هو فيه، ويكون علما يشار إليه بالبنان، ويستشار في أية إشكالية، ويؤنس برأيه عند الحديث.[3]
إن نهضة الأمة تتحقق من ارتقاء كل فرد فيها بعلمه إلى المستوى الذي لا يدانيه فيه أحد. أما مجتمع الكسالى والمترددين، فلا ينتج عنه إلا أمة مشردة مفككة تتسول سبل معيشتها من بقية الأمم الأخرى. فهذا نداء للشباب وللشيوخ وللنساء من أمة " اقرأ "، لا تترددوا في اقتحام غمار العلوم جميعها، وهبوا لتنهلوا من فيوضها، حتى يكتب الله لنا جميعا النجاح والتقدم في الدنيا، ونعود إلى ريادتها من جديد. | |
|